هم الذين يصنعون تاريخ الشعوب، والأمم، وهم من يكون لهم التأثير القوي والمباشر في ترويض المشكلات الكبيرة التي يعتقد البعض بأنها عصية على الترويض، ويمارسون أدوارهم التي تختزن الطموحات، والآمال، في تفتيت كل العقبات، والحواجز، وردم الفجوات الواسعة والعميقة التي تعترض علاقات الشعوب مع بعضها، والدول بجيرانها، وترسخ حالة من الاطمئنان، والهدوء، والتقارب النفسي، والروحي بين الأفراد، والجماعات.
صناعة التاريخ ليست عملية سهلة، وليست جلسات استرخائية تتكثف فيها الأحلام والأمنيات، ولا حالة من حالات حسن الظن فقط، ثم يُبنى على حسن الظن قرارات، وتوجهات، ورؤى تبتعد عن الواقعية، والمنهجية، والوضوح، بل هي فهم وعقل، بحيث لا ترتد يوماً على مسارات الشعوب في صياغة تاريخها، وبناء مستقبلاتها، وأوضاع تحديثها، وبنائها، فتزيد من أعطابها، وأوجاعها، وتدمركل نضالاتها في بناء الإنسان، وتحديث الدولة، والارتقاء بكل مناحي الحياة المنتجة فيها.
صناعة التاريخ، عملية تقدم عليها وتمارسها العقول الواعية، والناضجة، والمؤمنة بقدر الأمة، وتلاحم الأهداف، وأن تقارب الكائن البشري في كل جغرافيا المنطقة هو أمر يجعل الأمة تتجاوز أزماتها، وتتوحد من أجل تكامل مسيرتها، وصناعة مصائرها، وإيجاد مكان ملائم لها في حركة التاريخ، وتحولات الكون، بحيث لا تعتمد على إيحاءات أو إيماءات خارجية لا تفهم نسيج هذه الشعوب، وإرثها، وتاريخها التراكمي من الهموم، والهواجس، والسعي الشاق نحو القضاء على كل معوقات نموها، وتكاملها